الصفحة الرئيسية > فوق مستوى الضجيج, مداديات > الممثلون.. المعارضة.. والتغيير..

الممثلون.. المعارضة.. والتغيير..

أفريل 8, 2009 أضف تعليق Go to comments

سأتحدث هنا بشكل عام عن المعارضةالسورية بغير التزام بمحور محدد.. هنا رغبت بالتحدث عن تجربة شخصية وحديث خاص.. قد أصيب فيه وقد أخطأ لكنه في النهاية هي تجربة شخصية فقط أحببت تداولها..

جذور المعارضة والرئيس القائد:
من يقول بأن جذور ما أسميناه اصطلاحاً “المعارضة” غير موجودة في الشعب السوري قد يكون ظالماً بعض الشيء، فالمتتبع للتاريخ السوري منذ الاحتلال العثماني مروراً بالثورة السورية الكبرى والانقلابات المتتالية فيما بعد حتى وقت ما قبل استلام النظام البعثي يلاحظ بوضوح أن الشعب في كل فترة من فتراته التاريخية كان نزّاعاً للثورة ورفض الظلم والطغيان..
ومنذ استلام النظام الحالي للحكم قام باغتصاب اسم الديمقراطية – ينصّ الدستور بأن البلاد ذات نظام ديمقراطي – لنفسه وعمد إلى ضخ مؤدلج واستلاب مستمرّ لذهنية المواطن السوري وزرع “الخوف” فيه بدلاً من المحاكمة العقلية السليمة لمناحي الخطأ، وهذه حالة طبيعية في ظلّ أي نظام أحادي. المشكلة ليست في هذه النقطة بالذات لكنها تكمن في إيمان هذا المواطن بعد فترة بضعفه واستكانته وعدم قدرته إلاّ على السير مع التيار حتى أصبح مصطلح “معارضة” يشكل خروجاً عن المقدّس عنده.. يستشهد نجيب محفوظ بممارسات العهد الناصري فيقول: “إن الحاكم في العهد الناصري قد طلب من المصريين اعتزال السياسة فتحول المصري من كائن فعّال إلى سلبي متفرج، من موجود مشارك إيجابي إلى هيكل عظمي يتقبّل أي شيء، والأخطر من ذلك أنه سلب من داخل المواطن شجاعته، وإحساسه بالكرامة، وإحساسه بالأمان..وهذا شيء فظيع إلى أقصى حد.”..وقس على ذلك ما يحدث في دمشق..

يؤمن نسبة كبيرة من الشعب السوري – حسب ما رأيته ممن قابلتهم على الأقل – بأن الرئيس القائد هو مثال التقوى والصلاح وفي معرض زيارتي لدمشق الجديدة بعد حافظ الأسد في العام 2002 كان الحديث حول الرئيس القائد يختلف تماماً عن الحديث عن رموز النظام الأخرى من مسؤولين ووزراء وو..الخ.. فالرئيس القائد الشاب يقوم بدفع عجلة الإصلاح والتقدم والقيام بأعباء نفض الغبار عن سنين النوم الطويلة – على حدّ تعبير أحد الطلاب -.. وكانت شعبيته في أوجها حينها..
لذلك هو بمعزل تماماً عن الإقصاء في فكرهم إلى الآن تحت ظلّ أي ثورة قادمة أو تغيير ممكن أن يطال الحكومة لا لأن النظام قائم به بل لأنه محبوب من قبل أكثرية شعبية.. وإلا لا يفسّر وجود صوره في قرى نائية على طريقة (دير الزور – الرقة) أو القرى المحيطة بحمص حيث لا مكان للسياسة ولا مكان للمواربة والتملق.. الخلاصة أنه خط أحمر لا يمكن تجاوزه في العقلية السورية المحلية..

نعم.. الكل يسعى للتغيير، وهذا ما تلمسه بوضوح عند تبادل الحديث مع أي شخص في مقهى عام أو نادل أو جامعي أو حتى مستخدم في فندق أو أية شخصية تعتبر نفسها مثقفة، لكن الرؤية لهذا التغيير محدودة جداً لا تصل إلى قلب كينونة النظام بأسره بقدر ما تكون مجرد رتوش لإصلاح الوضع العام.

السوريون يعلمون تماماً بأن قلب النظام لن يؤدي إلاّ إلى فوضى عارمة وعلى حدّ تعبير أحد أساتذة المعاهد الخاصة: “شعب لا يفهم الديمقراطية قد يجرح نفسه بها، وستعم الفوضى، ولن يكون إصلاح هذه الفوضى يسيراً”.. يطرح مثالاً كمن يعيش في الظلمة ثم ينتقل فجأة إلى النور سيصاب بالعمى إن فتح عينيه مباشرةً، سيتخبط الشعب في لاوعيه طويلاً حتى يستقرّ وسيكون الثمن باهظاً، على الرغم من أن الثورات التحررية في العالم ضمن فتراتها الزمنية قد دفعت هذه الأثمان إلا أن الشعب السوري متخوّفٌ جداً وهو يرى ديمقراطية جيرانه في لبنان لا تعبّر إلاّ عن الفوضى والضياع.

في الضفة الأخرى لم تقدم أحزاب المعارضة في الخارج أي مشروع وطني صالح يمكن أن يلتفّ الشعب حوله، ناهيك عن تعاملهم اللاديمقراطي مع بعضهم البعض وأساليب الإقصاء والمعيارية الثنائية المتبعة فيما بينهم، والاصطفاف اللاعقلاني على حساب الهدف المنشود.. يحضرني هنا حديث لأحدهم حين سألته عن وضع الأكراد ليقول: “الشعب سوريّ والبلاد سوريّة ولا مجال للتخلي عن شبر منها لأي كرديّ..” هذا في السر.. أما في العلن فهو وجماعته يعلنون بأنه سيعطون الأكراد حقهم من ضمن مشروعهم التغييري؟!! هل هناك حزب معارض يجرؤ أو يريد حتى أن يعطي استقلالاً ذاتياً للأكراد أو منحهم حق تقرير مصيرهم؟!! لا أظن.. وهذا مثال واحد فقط عن هذه الازدواجية..

ثم ماذا بالنسبة للتخوّف الطائفي.!!؟؟
في العام 2005 وفي معرض زيارتنا للمناطق السورية المختلفة أعرب أحد الأصدقاء الإنكليز عن اندهاشه بالتزام الشعب السوري بصلاة الجمعة ووصفها بأنها أداة خطرة جداً لها من الفعّالية أكثر ما يكون لأي خطاب جماهيري يتلوه صاحب حزب معارض أو مسؤول حكومي.. وكان حديثه بعد لقاءنا ببعض العائدين من العراق إبّان الحرب الأمريكية على العراق.. مجموعة من الشباب تعتلي رؤوسهم جهل عميق بمفاهيم الدين والحياة وقد لا يكونون ملتزمين أصلاً بما تمليه عليهم ديانتهم..

يُقال لا يعرف بشعاب مكّة إلا أهلها، يجيب أحمد أحد أصدقاء الساحل السوري بأن نقمة الشعب السنّي ستكون عارمة تجاه العلويين وهو – وإن كان يدعم التغيير – إلا أنه يبدي تخوفه من أن يطال رؤوس العلويين كلهم.. وقد لمستُ هذا التطرف بنفسي ليس فقط في الأحاديث اليومية أو الندوات الثقافية مع الأصدقاء بل تعدّى ذلك بالجهر العام وخير مثال ما يتم كتابته في مواقع المعارضة وما قرأتُ في حديث المدوّنات منذ فترة ليست بالقصيرة..

قد يقول قائل بأن الطائفة العلوية هي التي في سدّة الحكم حالياً وأنها وراء كل هذه المصائب على البلاد، يجيب أحمد: “نسبة قليلة جداً من العلويين هي المستفيدة، وبنظرة شمولية أكثر معظم أركان النظام حالياً ليسوا من الطائفة العلوية. في حين أن شريحة واسعة من الطائفة العلوية لا ناقة لها ولا بعير ولا تنال من الجمل أذنه..”
هناك تطرف واضح تجاه هذه الطائفة سواء أكان السبب سياسياً أم أيديولوجياً.. والسادة آل سعود لا يفتئون يدعمون هذا الاتجاه، سواء لأسباب دينية أو لأسباب سياسية.. خصوصاً في مواجهة المدّ الإيراني المتمثل بالطائفة الشيعية في حال اعتبرنا أن الشيعة هم جند حزب الله الإيراني أو كما عبّر أحد الإيرانيين: “السادة في السعودية يرون الشيعة في سوريا بأنهم أعضاء “بسيج” الإيراني”.. ولا أقصد هنا حزب الله في لبنان بل حزب الله الإيراني في إيران- حرس الثورة.

قبيل فترة قصيرة جداً أعلن السيد أنس العبدة صاحب قناة “الكرامة” بأن قناته سوف تعكس الشعب السوري بكل فئاته وأطيافه متناسياً بأنه عمل منذ فترة قريبة في إصدار تقرير يدين المدّ الشيعي في سوريا واعتبره مدّاً إيرانياً خطراً تحت عنوان “البعث الشيعي” ومدّ يده إلى بعض الدول المعنية – وهي معروفة – التي أبدت رغبتها في مساعدته لإيقاف هذا المد..
كنتُ أتساءل هل الشيعي هو الآخر لا يملك حق مواطنة لأنه شيعي؟! أم أن الأمر سياسي يتعلق بالنفوذ الإيراني في المنطقة..!! لا أعلم بالضبط..

لكني أعلمُ تماماً بأنّ كل شيء يمكن شراءه لكن الدين شيء يتعلّق بالقلب والاعتقاد الشخصي لا يمكن تغييره بمجرد الطلب أو دفع المال أو أي شيء آخر.. فليتشيع من يشاء وليستسنن من يشاء وليكفر من يشاء وليتحول البعض من الإسلام إلى المسيحية.. الدين لله والوطن للجميع.. ولا أظن بأن تعامل المعارضة مع المواطن السوري على أنه “قنبلة إيرانية موقوتة” أو “مشروع تخويني مستقبلي” يختلف كثيراً عن رؤيوية النظام لهذا المواطن بأنه “إما خائن أو مشروع خيانة مستقبلي”؟!! ما الفرق..

قد يتهم البعض أتباع هذين الطائفتين بأنهم يقفون خلف النظام الحاكم لأنهم يحملون أيديولوجية دينية مشتركة، من خلال تجربتي الشخصية فقط – وهنا أقول شخصية وليس بالعموم – لمستُ منهم رغبة في التغيير لكن تخوّفهم مما سيؤول حالهم في المستقبل في ظلّ أي نظام جديد يجعلهم يعيدون التفكير في آليات هذا التغيير كراراً قبل الخوض فيه..
أعتقد بأن نظام ليبرالي مؤطر بديمقراطية عادلة بعيداً عن حسابات الدين هي السبيل الوحيد لنيل جميع الأطياف العدالة والمساواة وأي معارضة تحمل هذا الأساس قد تنجح..

المعارضة في الداخل والخارج:
المتقصّي لآراء الداخل السوري يلاحظ بأنه لا يميل للمعارضة والتغيير القادم من قبل قوى المعارضة في الخارج سواء أعلى طائرة أمريكية أو أوروبية أو أية طائرة أخرى، لأسباب يظن أنها تمسّ بوجوده بالنسبة لهؤلاء أو لأنهم على دراية تامة بإخوتهم من تجارب سابقة سواء أكانوا إخوان مسلمين أو جبهة الخلاص أو آخرون.. قلة قليلة جداً ربما لا تعدو نسبتهم 1% أو لأكن صريحاً أكثر لا يتجاوزون عدد أصابع اليد ممّن قابلتهم يقبلون بمد يدهم للشيطان حتى يحصل التغيير..

في حين يغصّ سجن عدرا المركزي بسجناء الرأي، وأستطيع أن أقول بأن هؤلاء قادرين على التأثير أكثر من الذين في الخارج أولئك الذين لا يملكون إلا ذباب الكلام، وأجزم بأن من يخرج منهم بمعارضة رسمية وبمشروع وطني ملائم قد يلتفّ الشعب حوله أكثر من أي شخص قادم من خارج البلاد..

التغيير التدريجي:
النقطة الأخيرة التي أودّ الحديث عنها والتي مررت عليها سابقاً بشكل عابر هو التغيير التدريجي.. معظم الناس تعتقد بأن التغيير السريع قد يكون مضرّاً وضربتُ مثالاً أعلاه عن العيش في الظلام والانتقال إلى الضوء فجأة.. هذا الحديث غالباً ما يتحدث به نسبة 80% من الناس ممن التقيتهم.
في معرض حديثي مع أحد المحاضرين في جامعة دمشق – كلية الفنون.. وهو صاحب موقع أعلامي على صفحات الانترنت يقول بأن: “التغيير الفجائي لن يكون في صالح المجتمع ولا في صالح السوريين.. وهو يؤمن بأن الأمور يجب أن تأتي برويّة والتحرّك ضمن الهوامش الضيقة المتاحة حالياً” لذلك هو غالباً ما يلجأ للمداهنة والمسايرة رغم إيمانه العميق بأن التغيير أصبح واجباً.. هذا يقودنا إلى صيغة “التعايش” مع نظام الحكم والذي يذهب البعض لتنبنّيه، هذا إن كان ما يدّعيه صحيحاً وإلاّ فإنه يتصدّى بهراوة جهله الغليظة للتغيير نفسه..

الخلاصة:
كل هذا أحاديث أناس من مختلف الطبقات الاجتماعية يقودنا إلى الخلاصة التالية:
أعتقد بأن من يملك مشروعاً وطنياً صالحاً يجمع تحت لواءه كل طبقات المجتمع بغض النظر عن طوائفه وانتماءاته الفكرية يقوم على أساس ليبرالي يسعى لتغيير المواطن قبل الوطن، وينطلق من اعتبارات وطنية بحتة بعيداً عن رهانات مزاجية او ثأرية، ويقدم البديل المطلوب للمواطن هو الوحيد الذي من الممكن أن يكتب له النجاح، فـ”الثورة الحقيقية في حياة شعب من الشعوب تكمن في التغيير العميق لذهنية هذا الشعب في اتجاه تقدمي عصري، وهذا التغيير لن يكون بإزاحة حكم وإقامة حكم غيره أو بتبديل قانون ورفع شعار جديد.. وإنما يكون في إدخال تغيير أساسي على وعي المجتمع وإبدال مفاهيمه حول العلاقات الأساسية بين الإنسان والإنسان وبين عالمه المحيط به..” حينها لن يكون هناك مجال للخوف أو الجهل وسترتفع أصوات الشعب كلها في وجه أي ممارسة خاطئة، فإما أن يتم التغيير طوعاً من قبل الدولة حينها وإما أن يقوم قسراً بعصا الشعب.. غير ذلك سيبقى المواطن مستكيناً غير مؤمناً بنفسه ولا بقدرته على التغيير.. أو كما يقول صديقي Mohamed (سيغدو حشرة أو نملة).. أو “صرصاراً” على حدّ تعبير نزار في قصيدته (الممثلون):
“حينَ يصيرُ الناسُ في مدينةٍ
ضفادعاً مفقوءةَ العيونْ
فلا يثورونَ ولا يشكونْ
ولا يغنّونَ ولا يبكونْ
ولا يموتونَ ولا يحيونْ
تحترقُ الغاباتُ ، والأطفالُ ، والأزهارْ
تحترقُ الثمارْ
ويصبحُ الإنسانُ في موطنِه
أذلَّ من صرصارْ ..”

ملاحظة: هذه التدوينة منشورة كمداخلة ضمن الندوة الحوارية التدوينية على مدونة المرفأ

—————————-

—————————-
مواضيع ذات صلة:
– الدولة.. المعارضة.. والقانون
– أوراقك لو سمحت.. من فئة الخمسين ليرة فصاعداً
– لجام من ورق للطنابر الحكومية
– قمر صناعي إسرائيلي وصاروخ أرض جو سوري

  1. أفريل 8, 2009 عند 10:38 م

    نزار قباني – الممثلون

    (1)
    حين يصيرُ الفكرُ في مدينةٍ

    مُسَطَّحاً كحدوةِ الحصانْ ..

    مُدوَّراً كحدوةِ الحصانْ ..

    وتستطيعُ أيُّ بندقيّةٍ يرفعُها جَبانْ

    أن تسحقَ الإنسانْ

    حينَ تصيرُ بلدةٌ بأسرِها ..

    مصيدةً .. والناسُ كالفئرانْ

    وتصبحُ الجرائد الموَجَّههْ ..

    أوراقَ نعيٍ تملأُ الحيطانْ

    يموتُ كلُّ شيءْ

    يموتُ كلُّ شيءْ

    الماءُ ، والنباتُ ، والأصواتُ ، والألوانْ

    تُهاجِرُ الأشجارُ من جذورِها

    يهربُ من مكانِه المكانْ

    وينتهي الإنسانْ

    (2)

    حينَ يصيرُ الحرفُ في مدينةٍ

    حشيشةً يمنعُها القانونْ

    ويصبحُ التفكيرُ كالبغاءِ ، واللّواطِ ، والأفيونْ

    جريمةً يطالُها القانونْ

    حينَ يصيرُ الناسُ في مدينةٍ

    ضفادعاً مفقوءةَ العيونْ

    فلا يثورونَ ولا يشكونْ

    ولا يغنّونَ ولا يبكونْ

    ولا يموتونَ ولا يحيونْ

    تحترقُ الغاباتُ ، والأطفالُ ، والأزهارْ

    تحترقُ الثمارْ

    ويصبحُ الإنسانُ في موطنِه

    أذلَّ من صرصارْ ..

    (3)
    حينَ يصيرُ العدلُ في مدينةٍ

    سفينةً يركبُها قُرصانْ

    ويصبحُ الإنسانُ في سريرِه

    محاصَراً بالخوفِ والأحزانْ

    حينَ يصيرُ الدمعُ في مدينةٍ

    أكبرَ من مساحةِ الأجفانْ

    يسقطُ كلُّ شيءْ

    الشمسُ ، والنجومُ ، والجبالُ ، والوديانْ

    والليلُ ، والنهارُ ، والبحارُ ، والشطآنْ

    واللهُ .. والإنسانْ

    (4)

    حينَ تصيرُ خوذةٌ .. كالربِّ في السّماءْ

    تصنعُ بالعبادِ ما تشاءْ

    تمعسُهمْ .. تهرسُهمْ ..

    تميتُهمْ .. تبعثُهمْ ..

    تصنعُ بالعبادِ ما تشاءْ

    حينَ يصيرُ الحكمُ في مدينةٍ نوعاً من البغاءْ

    ويصيرُ التاريخُ في مدينةٍ ..

    مِمسَحَةً .. والفكرُ كالحذاءْ

    حينَ تصيرُ نسمةُ الهواءْ

    تأتي بمرسومٍ من السلطانْ

    وحبّةُ القمحِ التي نأكلُها ..

    تأتي بمرسومٍ من السلطانْ

    وقطرةُ الماءِ التي نشربُها

    تأتي بمرسومٍ من السلطانْ

    حينَ تصيرُ أمّةٌ بأسرِها

    ماشيةً تعلفُ في زريبةِ السلطانْ

    يختنقُ الأطفالُ في أرحامِهمْ

    وتُجهَضُ النساءْ ..

    وتسقطُ الشمسُ على ساحاتِنا ..

    مشنقةً سوداءْ

    (5)
    متى سترحلونْ ؟

    المسرحُ انهارَ على رؤوسِكمْ ..

    متى سترحلونْ ؟

    والناسُ في القاعةِ يشتمونَ .. يبصقونْ

    كانتْ فلسطينُ لكمْ ..

    دجاجةً من بيضِها الثمينِ تأكلونْ

    كانتْ فلسطينُ لكمْ ..

    قميصَ عثمانَ الذي بهِ تُتاجِرونْ

    طوبى لكمْ ..

    على يديكمْ أصبحتْ حدودُنا من وَرَقٍ

    فألفُ تُشكَرونْ ..

    على يديكمْ أصبحتْ بلادُنا

    إمرأةً مباحةً .. فألفُ تُشكَرونْ

    (6)

    حربُ حُزيرانَ انتهتْ ..

    فكلُّ حربٍ بعدَها ، ونحنُ طيّبونْ

    أخبارُنا جيّدةٌ

    وحالُنا ـ والحمدُ للهِ ـ على أحسنِ ما يكونْ

    جمرُ النراجيلِ ، على أحسنِ ما يكونْ

    وطاولاتُ الزّهرِ .. ما زالتْ على أحسنِ ما يكونْ

    والقمرُ المزروعُ في سمائِنا

    مدَوَّرُ الوجهِ على أحسنِ ما يكونْ

    وصوتُ فيروزَ ، من الفردوسِ يأتي : ” نحنُ راجعونْ ”

    تغَلْغَلَ اليهودُ في ثيابِنا ، و ” نحنُ راجِعونْ ”

    صاروا على مِترَينْ من أبوابِنا ، و ” نحنُ راجِعونْ ”

    ناموا على فراشِنا ، و “نحنُ راجِعونْ ”

    وكلُّ ما نملكُ أن نقولَهُ :

    ” إنّا إلى الله لَراجعونْ ” …

    (7)
    حربُ حزيرانَ انتهتْ

    وحالُنا ـ والحمدُ للهِ ـ على أحسنِ ما يكونْ

    كُتّابُنا على رصيفِ الفكرِ عاطلونْ

    من مطبخِ السلطانِ يأكلونْ

    بسيفهِ الطويلِ يضربونْ

    كُتّابُنا ما مارسوا التفكيرَ من قرونْ

    لم يُقتَلوا .. لم يُصلَبوا ..

    لم يقِفوا على حدودِ الموتِ والجنونْ

    كُتّابُنا يحيونَ في إجازةٍ ..

    وخارجَ التاريخِ .. يسكنونْ ..

    حربُ حزيرانَ انتهتْ

    جرائدُ الصباحِ ما تغيّرتْ

    الأحرفُ الكبيرةُ الحمراءُ .. ما تغيّرتْ

    الصورُ العاريةُ النكراءُ .. ما تغيّرتْ

    والناسُ يلهثونْ .. تحتَ سياطِ الجنسِ يلهثونْ

    تحتَ سياطِ الأحرفِ الكبيرةِ الحمراءِ .. يسقطونْ

    الناسُ كالثيرانِ في بلادِنا ، بالأحمرِ الفاقعِ يُؤخَذونْ …

    (8)
    حربُ حزيرانَ انتهتْ …

    وضاعَ كلُّ شيءْ ..

    الشّرفُ الرّفيعُ ، والقلاعُ ، والحصونْ

    والمالُ والبنونْ

    لكنّنا .. باقونَ في محطّةِ الإذاعهْ ..

    ” فاطمةٌ تُهدي إلى والدِها سلامَها .. ”

    ” وخالدٌ يسألُ عن أعمامِه في غَزَّةَ .. وأينَ يقطنونْ ؟ ”

    ” نفيسةٌ قد وضعتْ مولودَها .. ”

    ” وسامرٌ حازَ على شهادةِ الكفاءهْ .. ”

    ” فطمئنونا عنكُمُ ..

    ” عنوانُنا المخيّمُ التسعونْ .. ”

    (9)
    حربُ حزيرانَ انتهتْ ..

    كأنَّ شيئاً لم يكنْ ..

    لم تختلفْ أمامَنا الوجوهُ والعيونْ

    محاكمُ التفتيشِ عادتْ .. والمفتّشونْ

    والدونكشوتيّونَ .. ما زالوا يُشَخِّصونْ

    والناسُ من صعوبةِ البُكاءِ يضحكونْ

    ونحنُ قانِعونْ ..

    بالحربِ قانعونْ .. والسلمِ قانعونْ

    بالحرِّ قانعونْ .. والبردِ قانعونْ

    بالعقمِ قانعونْ .. والنسلِ قانعونْ

    بكلِّ ما في لوحِنا المحفوظِ في السماءِ قانعونْ ..

    وكل ما نملكُ أن نقولَهُ :

    ” إنّا إلى اللهِ لَراجعونْ ” …

    (10)

    إحترقَ المسرحُ مِن أركانِهِ

    ولم يَمُتْ ـ بعدُ ـ الممثِّلونْ ..

  2. احمد
    أفريل 9, 2009 عند 12:06 ص

    بالنسبة للطائفية وان وجدت يتحمل المسؤلية عنها النظام البعثي الاسدي لانه تمترس خلف طائفة وهذه الطائفة متغاغاة في اماكن حساسة في الجيش واجهزة الامن

    واعتقد ان الطائفية بعيدة عن المجتمع السوي ولم يذكرفي تاريخ البلد اي احتراب طائفي في تاريخه الحديث.

  3. أفريل 9, 2009 عند 2:58 ص

    أوافقك إلى حدّ ما في كلّ ماقلته
    خصوصا فيما يتعلّق بالحاجة إلى تشكيل وعي المواطن لذاته و لوطنه بدايةً قبل الحديث عن امكانية تغيير حقيقي!
    برأيي إنّ أي تغيير على المستوى السياسي فقط سوف يغيير القشرة فقط من دون أن يدخل تغييرات جذرية و حقيقية نحن بحاجة لها!
    المقالة ممتازة، مع تحياتي و بالتوفيق

  4. أفريل 9, 2009 عند 3:06 ص

    عزيزي مداد .. قد أكون من أكثر المطمئنين إلى تقييمك وموضوعيتك في تناول هكذا موضوع ..

    رؤيتي الخاصة قد لا تتضمن تطبيق الديمقراطية أو الليبرالية هكذا وكما اخترعت .. أقول بأننا نحتاج أولاً لإختراع طريقة وإسلوب تغيير مفصّل على مقاسنا ، وثانياً تطبيق القانون بكافة حذافيره وشروطه .. من خلال تفعيل دولة القانون والمؤسسات والرقابة والتخطيط السليم ..

    وليبقى من يبقى في موقعه وعلى كرسيه .. ولكن بشرط أن يلزم بسؤوليته ومهامه ويعمل بما يمليه عليه ضميره وأخلاقيته (كلام طوباوي) ولكن هذا هو التغيير التدريجي الوحيد ..

    أسأل هل الخوف من التغيير تشكل في الوعي السوري قبل غزو العراق وسقوط النظام .. أم بعد ذلك ؟؟

  5. mahamed
    أفريل 9, 2009 عند 3:27 ص

    Some notes on your post, I think your points are reasonable but I have some diverging in reading current events and people positions towards future.

    You have summarized your reading in the thinking of Syrians toward change, but you did not come with any prediction but if I concluded from your views anything it would be that there is no change on the horizon but there will be some amendments and adjustment which everyone expected from the regime to extend its life. That is am in agreement with. But that would mean that pressure is still building up and when Cuba will fall soon it might follow by Venezuela then Iran then Syria regime skeleton might fall without shaking. (US Senators are in Cuba this week to remove blockade and open relation).

    -I don’t feel that your reading into the Syrian people and the president photos you saw in the small villages is acceptable to me. I do believe that Syrians function on two different levels it depends on trust factor and also always they have two faces, outside and inside face due to the long time of oppression which did not allow for any type of expression since generations.
    -Of course the Syrians people are not going to trust the outsiders no one would do that, and also they do not feel that there is strong power willing and able to through the regime out and the situation does not mean that it is stable on the contrary it is still volatile and vulnerable to strong shake from the inside, not by people but mainly by the Army, or to big outside event.

    – I agree that everyone inside Syria dreaming of change and also helpless in using his means to start or force the change. There still missing from individuals the self-esteem and the fear is deep engraved inside from the regime who, in my view, is too weak and brittle in front the right tools and the right moves.
    -The fear from rapid sudden change you described and the talk about injuring oneself from Democracy and free expressions is just a wishful thinking because of their fear from expressing their approval something other than the regime, which a red line, and because there is no clear strong alternative. What this teacher should have said (and he can’t say that), opposition is necessary and needed even if the ones who oppose are dogs of cockroaches, the country is in need for check and balances and exchange of power even if the regime is fixed and did not give up power, people have to have their say.
    – The revenge you talked about as depicted by your Alawite friend is the only margin allowed for the Alawites to vents and to find excuses for their masters for holding power and lingering tyranny of the regime who could punish the Alawites sometime harsher than others for disloyalty, Aref Dalila is the example. Off course there would be revenge, that what makes situations dangerous and volatile and that what people with reasoning keep asking the regime to do something about that. And this is one of the great admired stands for the oppositions in all its colors. Look at South Africa what has done, remove the 49 law, compensate the affected people, change figures responsible for harm, and ask for forgiveness from those who suffered for no reason and finally open new page, people are waiting and waiting …..
    – I also, have different view regarding the alliance with Iran and the Shiaa expansion, I think the regime did not play it right; he just went to Iran because he did not see any other hands reached to him. I think the politics they are playing with other Arab countries like Egypt and KSA, are very dangerous and they should have been more sensitive for those countries and sensitive for their population working in these countries. The religious divide proved to be a main dominator as Iraq war showed us. We should not buy into that American responsible for that and that is the end of the story, it is a fact awakened from the deep history, and secular Arab states found themselves like starting from point zero, like they did not do anything during their governing years on the contrary they were the engine for divide due to oppressions, Iraq is the example. There are very powerful dominators in our mist stronger than the Israelis or the any other enemy. I should say that I do appreciate the regime role of rapprochements between the two divide of Muslims but not to side with any one and not leave the other. All those forces which unleashed in the last decade requires the acceleration of openness and free expression not to continue leave them simmering under and wait to be exploded. I’m the first to agree with you that let everyone decide and choose on his sect, but it is not the right time now to do that, democracy and free expression should be established first, there should be laws protecting freedom of expression, there should be laws separate religion from state, there should be a lot of ground work for social change first.
    -In the end I do not object to the idea of gradual change or that the oppositions inside are the real factor for applying pressure and demanding change and I believe that all they need is more self confidence and more exposure to the other struggling oppositions around the world. I do agree if a leading figure, (like Fedaa Hourani), come up with the right slogan and the right tools to reach people he would succeed to start the chain reactions for change everyone is waiting for.

    Nice poem.

  6. سوري مغترب ومعتر
    أفريل 20, 2009 عند 8:48 م

    هل يستطيع أحد انكار أن 99% من المخابرات و أجهزة الأمن هم من العلويين و أن أهم الوظائف بالدولة للعلويين وان دكاترة الجامعات أغلبهم علويين وان وان وان وان الخ الخ الخ يا سادة هذا نظام طائفي مقيت يجب ازالته بأي طريقة وأكتر من القرد ما مسخ الله

  7. مواطن
    سبتمبر 21, 2009 عند 1:08 ص

    ان العراق وماقدمته المعارضه العراقيه مثال عن الديمقراطيه العمياء الورقيه لقد قدم العم سام
    واتباعه من شياطين الغرب والشرق حريه الى الشعب العراقي من نتائج هذه الحريه الذبح
    على الهويه والجوع والعطش وتدمير التاريخ والحاضر وسرقة المستقبل لم يقدم ملوك الطوائف
    في العراق المطلوب هم عباره عن مجموعة مرتزقه في صفوف جيش العم سام وكان دورهم
    تأمين اكاذيب عن طريق وسائل اعلام تابعه لعم سام كي يتم تأمين دخول العم سام الى العراق
    والسيطره على ثروة العراق طبعا ساعدة حماقة الطبقه السياسيه العراقيه سواء زمن صدام
    او من سبقه على تدميرالشعور الوطني عتد الشعب والاعتماد على الولاء لقائد على حساب
    الوطن لقد كانت الحماقه اهم مايميز القياده العراقيه عبر التاريخ الحديث او القديم هنا اود ان
    اذكر الساده بعض العبارات التي نسبه لشهيد الحماقه العراقيه صدام حسين وهي طبعا ليس
    هو من قال هذه العبارات/ تبقى الكلاب كلاب واسود اسود/ العبارات كانت لظابط عراقي
    كان يسعى من اجل الانقلاب على نوري السعيد طبعا تم كشف الامر والمعروف في العراق
    الاعدام ينفذ قبل وصول المحكوم الى المحكمه وهو على طاولة الاعدام والحبل في رقبته
    بصق في وجه نوري السعيد وقال هذه العبارات طبعا صدام عند تنفيذ حماقة بوش فيه
    كان امامه كل الطبقه السياسيه العراقيه من الشما الى الجنوب وهذه الرساله لهم ان مصيركم هنا والدليل الان ان غالب السياسين الذين كانوا موجودن قبل وبعد احتلال العراق غير موجودن
    في المشهد السياسي العراقي الحالي وهم في دول اروبا وامريكا ان تاريخ العراق تاريخ
    من الدماء والمشانق
    يأخي الاعتماد على الغرب في التغير فيه دمار البلاد ويجب الاعتماد على الشعب

  1. ماي 25, 2009 عند 9:10 م

أضف تعليق